تعتبر بادس أهم مدينة نشأت بساحل الريف الأوسط. ووقع اختلاف في تاريخ تأسيسها، لكن جل المصادر تتفق على أن لهذه المدينة أبعادا حضارية أعطت لها إشعاعا متميزا في حوض البحر الأبيض المتوسط، وقد استفادت من جزيرة بادس التي شكلت مرسى لها.
ذكر مارمول كاربخال أن تأسيس المدينة كان على يد القوطيين، وأنها تعرضت بعد ذلك للتخريب، غير أن هذا القول لا يستند إلى أساس مرجعي، ما لم يقع تحقيقه انطلاقا من مصادر تعود إلى العصر القديم، أو عبر الأبحاث الأركيولوجية. في حين تحدث الحسن الوزان عن احتمال تأسيس مدينة بادس على يد «الأفارقة»، ولعله يعني بذلك في الغالب إرجاع الحدث إلى الفترة الإسلامية الأولى.
موقع استراتيجي متميز
يسود اعتقاد أنه قد تم تجديد بناء بادس أثناء الفتوحات الإسلامية مثل عدد من المدن المغربية الساحلية، وإن كان هذا الطرح يضعنا في موقف صعب لمعرفة تاريخ حصول ذلك. ولا يمكن أن نقبل بسهولة ما نقله أبو القاسم الزياني حين ذكر أن بناء بادس الإسلامية تم سنة 90هـ/ 709م من لدن أحد أمراء لواتة الذي يحمل اسم بادس. وقد أشار أبو عبيد البكري عند حديثه عن مدينة بادس إلى كونها أحد مراسي بلاد النكور الغربية، وتعتبر النكور أول إمارة إسلامية في بلاد المغرب.
يبدو أنه في مقابل تراجع مكانة إمارة النكور، ازدادت أهمية بادس، لاسيما بعد تخريب النكور سنة 473هـ/ 1080م على يدي المرابطين. غير أن الشريف الإدريسي (493-559هـ/ 1100-1166م) ذكر، بعد نصف قرن من سقوط النكور، أن بادس كانت «فيما سلف مدينة كبيرة لكنها خربت ولم يبق لها رسم».
عمر أشهبار
تتمة المقال تجدونها في العدد 20 من مجلتكم «زمان»