اشتغل محمد الرافعي في التجارة، فيما لا يستبعد أن يكون مارس القرصنة، ثم قصد الحج وقد جاوز الخمسين، وحين عاد صاغ مؤلفات تقدم معلومات فريدة عن كل الأقطار التي زراها.
شكل المشرق العربي منذ عصور غابرة محط آمال المغاربة، حيث كانت أغلب رحلاتهم تيمم وجهها شطر المشرق، فكانوا يتجشمون عناء السفر في البر والبحر بغية زيارة الأماكن المقدسة لأداء فريضة الحج والنهل من ينابيع العلم بهذه الديار.
فقد أصبح المشرق العربي الإسلامي منذ فتح بلاد المغرب قبلة لأهل المغرب ومهوى أفئدتهم، فهو يحتضن الأماكن المقدسة وكل المواقع التي عاشتها الرسالة الإسلامية في مهدها الأول. لهذا، كانت أمنية كل مغربي هي التطلع إل زيارة تلك البقاع، وذلك على الرغم من مشاق السفر وأهواله وصعوبات الطريق البحرية، التي غدت في مطلع العصر الحديث مفزعة ومخيفة، بسبب استشراء القرصنة الأوربية في حوض البحر الأبيض المتوسط واعتراضها لمراكب الحجيج.
ومع أن الحجاز هو الهدف المنشود في رحلة المغاربة، إلا أنهم كان لابد لهم من المرور بمصر ذهابا وإيابا، فينزلون بها، ويرتادون مدنها وأسواقها ومساجدها وأضرحتها ومراكزها الثقافية ويدونون مذكراتهم وأنشطتهم فيها. وقد كان لبعد المسافة بين المغرب والحجاز، وطول المدة التي يقضيها الرحالة المغربي في أحضان المراكز الثقافية بالمشرق العربـي عاملا هاما في غنى الرحـلات المغربية واتساع آفاق ارتسـاماتها، وهو ما قدم فنا أدبيا متميزا سمي بأدب الرحلات الحجازية. ضمن هذا النوع، تندرج رحلة أبي عبد لله محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي الرافعي الأندلسي التطـواني، المعنونة بـ«المعـارج المرقبة في الرحلة المشرقية»، والمحفوظة بالخزانة الداودية بتطوان.
نورالدين أغوثان
تتمة المقال تجدونها في العدد 38 من مجلتكم «زمان»